أحوال التعليم العالى لا تسر عدواً ولا حبيباً، جامعاتنا خارجة عن التصنيفات، كلياتنا مطرودة من دائرة الاهتمامات، أساتذتنا يغزلون برجل معزة كسيحة فى ظل مرتبات هزيلة ومعامل فقيرة ولهاث وراء الترقى بإشراف وهمى على رسائل دكتوراه منقول عناوينها من مجلات الخارج، مهروسة أفكارها من قبل، مضروبة إحصائياتها من قبل متخصصين فى فبركة الإحصائيات وتلبيس طاقية العلم الرصين لورق العك واللغوصة والعشوائية الذى أمامهم وكله بثمنه. «أين لجان مراقبة الجودة؟».. هذا هو السؤال الذى يجيب عليه د. رضا محمد طه، الأستاذ بكلية علوم الفيوم، الذى يقول فى رسالته: أريد أن أتناول فى كلامى هذا موضوع الجودة بالكليات حيث نقوم باجتماعات وندوات ولجان ولجان منبثقة واستبيانات تقوم بها وحدات ضمان الجودة فى الكليات دون نتيجة واضحة فى تطوير وتحسين العملية التعليمية بكل جوانبها ابتداءً من الأستاذ، الطالب، الإداريين وحتى التجهيزات، فهى عبارة عن تستيف أوراق واهتمام بالشكليات دون المضمون أى الإغراق فى الوسيلة وإهمال الغاية ألا وهى العملية التعليمية. فمثلاً توصيف المقررات كلها يتم على الورق الرسمى نموذجياً وجميلاً يؤدى بنا إذا طبقناه فعلياً إلى أن نكون فى مصاف الدول من ناحية التعليم الجامعى، لكن الواقع العملى والمطبق فعلاً بعيد تماما فغالبية المقررات تعتمد على الحفظ والتلقين وغير مواكبة لما هو جديد فى فروع العلم المختلفة بالإضافة إلى عملية تقييم الأساتذة أو المقررات فى الغالب لا تتسم بالشفافية وتدخل فيها المجاملات ومفهوم «أكل العيش» وكذلك الفهلوة. أيضاً يحدث تعبئة ومبالغة مسرفة عند زيارة لجان التقييم المنوط بها إدراج الكليات ضمن معايير الجودة مذكرة إيّانا بما كان يحدث سابقاً عند زيارة مسئول مهم لمؤسسة أو مكان فيتم رصف الطرق ودهان الحوائط والاهتمام بإنارة الطرق وأخيراً زرع مؤقت للأشجار وخلعها بعد انتهاء الزيارة وكأننا نعيد التصرف نفسه بالتفكير نفسه فى الظروف نفسها ثم نتوقع نتيجة مختلفة وهذا ما نبهنا إلى استحالته العالم «إينشتين». هل نسعى لإرضاء المسئول وكله تمام بالفهلوة والخداع لأنفسنا ولا نكون أولاً راضين عن أنفسنا وعن مستوى أدائنا فى العمل وهو الأهم بالطبع. نستهلك من الوقت والمجهود الكثير والكثير فى ملء بيانات ورصد مكافآت وكأننا أنجزنا وكأننا نجيد فعلاً، والذى يدعو للعجب أننا فى الغالب لا نكافئ ولا نحفز من يجيد ويجتهد فى النهوض بمستوى المقررات والطلاب. لذلك نريد فى ظل النظام الحالى أن يتم تطبيق رؤى ومفاهيم مبتكرة وواقعية حتى لو أدت إلى إنجازات بسيطة فى البداية فى ظل إمكاناتنا المتاحة وظروفنا أفضل من الضجيج والطحن بلا دقيق.